المشهد مرّة أخرى...! (مسرحية)
” الساخر كوم ”
لكنه محتمل!
إذ يبدو أن ما ستقوم معاليك بقراءته الآن هو مسرحية!
و…
هذا أيضاً صحيح…
فكما أن هناك فنان شامل يقوم بالغناء والتلحين والتمثيل والإخراج، والرقص!
هناك أيضاً (أنا)، وأنا – كما هو واضح- كاتب شامل…
كاتب يؤلف ويخرف ويكتب مسرحية!
بل وأصبو – وهذه مشكلة – لان أكون فتاة فيديو كليب في يوم من الأيام! f*
.
.
لذا فانه يجدر بك، ان تمسك اعصابك خلال قراءتك هذا النص… والذي تمخضت لي فكرته العبقرية – فيما يبدو – وأنا أمارس نداء الطبيعة!
***
الفصل الأول والأخير…
المشهد الأول
مواطن شاب يقف في شارع عام مزدحم بأبواق سيارات…
(على المخرج أن يكتفي بأبواق السيارات، دون الحاجة لشراء سيارات، من اجل ضغط التكاليف).
.
المواطن يقف بسعادة ويدندن في زهو منقطع الزهزنة مقطع لـ (سيد مكاوي):
– الأرض بتتكلم عربي… الأرض، الأرض!
عند ذلك يتوقف المارة في الشارع الافتراضي عن الحركة، من اجل أن يرددوا خلف المواطن الشاب نفس المقطع:
– (الأرض… الأرض)
ثم يعود المارة إلى حالتهم الأولى وكأن شيئاً لم يحدث! (يبدو إنها مسرحية استعراضية)
وبينما المواطن يغني ويشاكس المارة، إذا بفتاة جميلة جداً، عبقرية الملامح والتفاصيل تخرج من فتحة دائرية متوسطة الحجم في منتصف الشارع (بلاعة)!
عندئذٍ يندهش المواطن الشاب، ويقوم بتوجيه السؤال الخالد منذ الأزل:
– إيه بس اللي خرجك من البلاعة يا سمرمر!
فتجيبه سمرمر عن طريق مقطع غنائي آخر:
– يا خارجه من باب البلاعة… الخ!
في هذه الأثناء، وبينما الشاب والشابة يغنيان معاً أغنية (البلاعة) الشهيرة، إذا بهليكوبتر حقيقي يمر على مقربة من رأس الشاب، دون أن يشعر بذلك!
(باستطاعة المخرج الاستعانة بإحدى هلكوبترات وزارة الداخلية، على أن يقوم بإدراج شكر خاص في “تتر” النهاية لـ المسؤولين عن العلاقات العامة في وزارة الصرف الصحي لتوفيرهم هليكوبتر للمسرحية)!
و…
تترنح الهليكوبتر ويفزع المارة، ويسود الهلع بين المواطنين مع موسيقى حزينة، ويا حبذا لو كان هناك مقطع غنائي كئيب لـ المطرب (إيمان البحر درويش) من نوعية:
(يا بلدنا يا بلد، هو من أمتى الولد، بيخاف من أمه، لما في الظلمة تضمه)…
و…
يسود الهرج والمرج فتنحل مروحة الهليكوبتر، فتقطف عدد من رؤوس المواطنين، فتسيل الدماء الحقيقية في المسرح، على أمل أن يشهق المشاهدين!
من ثمّ يقوم المخرج في نفس اللحظة بإطفاء الأنوار لـ 30 ثانية…
ثم تفتح الأنوار من جديد، كي يكتشف المشاهدين أن المسرح خالي من كل الجثث عدا مروحة الهليكوبتر!
من المتوقع أن يستمر المشاهد في التساؤل عن أين ذهبت الجثث؟!
عند ذلك تصدر صرخة 220 فولت، لسيدة تحمل رأس حقيقي لرضيع تسيل منه الدماء، قبل أن تطلب من المشاهدين أن يبحثوا أسفل مقاعدهم عن بقايا وليدها التي تقطعت أوصاله!
في تلك اللحظة يصيب بعض المشاهدين سكتات قلبية ودماغية، وفشل كلوي حاد فور أن يكتشفوا أن تحت مقاعدهم رؤوس وقطع لأجزاء بشرية حقيقية (أيد، أرجل، اكتف، رُكب، أذرع، والكثير من العيون…)!
(باستطاعة المخرج أن يقوم باستقدام هذه القطع البشرية من مشرحة زنهم – بالتعاون مع كلية طب عين شمس)!
و…
يغلق الستار، ويستمر الهلع!
***
المشهد الثاني
تُفتح الستائر عن خلفية حديقة عامة (شجر وطيور وكناري) مع مقاطع لاغاني الربيع…
هنا تكمن غرابة أطوار المخرج، في صدم نفسية المشاهد الذي كان يتوقع المزيد من الدماء والجثث…
ملاحظة إضافية: يبدو أن المخرج سيجد نفسه مضطراً لاستخدام إحدى تقنيات المسرح التكتيكي بالتعاون مع وزارة الدفاع!
قبل أن يخرج الفتى الذي طارت رأسه في المشهد الأول الى المشاهدين، وكأن شيئاًَ لم يكن، وخلفه الفتاة التي التقاها لأول مرة أثناء خروجها من البلاعة!
– سمير، استنى يا سمير!
– مستحيل يا سمرمر، مستحيل!
– لكن أنا بحبك يا سمير!
– ما باليد حيلة يا سمرمر، ما باليد حيلة!
ثم تنفجر سمرمر في الصراخ وتجهش بالبكاء: لاااااااااااااااااا!
قبل أن تخرج ساطور ضخم من حقيبة يدها الصغيرة، وتتوجه به نحو رأس المواطن الشاب!
و…
تنفجر المزيد من الدماء الحقيقية!
ويسود الهلع مرة أخرى بين المشاهدين، إلى أن يصيب بعض الأطفال المتواجدين في المسرح حالة صرع متقدمة!
مع ذلك، تستمر البطلة في لعق دماء البطل بوحشية، قائلة:
– بحبك يا جبان، بحبك يا ندل…
وتستمر في ذلك (بحبك يا جبان… بحبك يا ندل) إلى أن يغلب المشاهدين النعاس!
عند ذلك تخرج طفلة رضيعة لها نفس ملامح الطفلة الرضيعة التي تقطعت أوصالها في المشهد الأول، وفي يدها مدفع رشاش لتقول:
– ماما، ماما، قتلتي بابا ولا لسه!
(يبدو أن المخرج سيجد نفسه مضطراً لاستخدم تقنية “الماضي يعود دائماً” لإضفاء المزيد من الواقعية على الأحداث)!
يبدو أيضاً أن هذه التقنية نجحت مع بعض المشاهدين، هذا لان بعضهم اخذ يحاول الهروب من المسرح ولم ينجح، خصوصاً وان الأبواب كانت موصدة من الداخل بإقفال حديدية مستوردة!
و….
تسدل الستائر!
***
المشهد الثالث والأخير!
تُفتح الستائر هذه المرة عن غرفة بيضاء فارغة، إلا من قلم رصاص صغير جداً معلق في السقف!
و…
يستمر المشهد على ذا المنوال إلى نهاية المسرحية، بدون إصدار أي صوت أو حركة، على أمل أن يُصاب ما تبقى من المشاهدين بانفشاح المشاعر التفشحي الرهيب!
The End
***
جاء في مقطع من أرشيف الصفحة الفنية لجريدة (اخبار الجمهورية)، العدد الثالث والاربعون بعد المليون، نقداً على مسرحيتي قال فيه الأوغاد:
“واستمر المشاهدون في حال من التوتر والقلق، وكلهم في انتظار أن تحدث مصيبة في أي وقت، كأن ينفجر القلم في وجوههم مثلاً”!
لكن شيئاً من هذا لم يحدث!
خصوصاً وأن روح المشاهد الأخير صعدت إلى بارئها بفعل الملل!
(انتهى)
ابن الأرض
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق