من يوميات علياء... (وفاء نبيه الصاحي والدستور)!

” الساخر كوم ”

إذا كان فيكم من لا يعرف علياء، فتلك مصيبة!
واني لمشفق عليكم هول جهلكم بها…!
***

انه لشخص متفائل، ذلك الذي قال أن ركود الماء الآسن في بيوت الفقراء هو من حقوقهم المشروعة!
ففي قيظ احد أيام يوليو المشمسة عادت أختي وفاء – الأصغر بيننا والأكثر جمالاً – من الجامعة، قبل ان ترتمي في أحضان أمي باكية…

– أنا مش ح اسكت يا ماما، الدستور بيكفل لي حق الاعتقاد!
– اهدي يا وفاء يا بنتي!
– لا يا أمي، لازم نقول “لا”، الدستور بيكفل لي حق الاعتراض!
– اهدي يا بنتي، أنا مش فاهمة حاجة!
– ولا أنا يا أمي، لكن الدستور بيكفل لنا حق الفهم!
– لا اله إلا الله!
– محمد رسول الله، الدستور أيضاً بيكفل لنا حق التدين!

ثم قامت وفاء من أحضان أمي، متوجهة إلى غرفتها لتواصل حق البكاء – كما يكفل لها الدستور – دون أن نفهم شيئاً مما حدث!

ثم إن أمي – وبآلية معتادة – قالت:
– روحي يا علياء يا بنتي شوفي أختك مالها؟!
– حاضر يا ماما!
***

لحظة…
نسيت أعرفكم بنفسي…!

أنا علياء، الابنة الوسطى، للأسطى نبيه الصاحي، وأمي هي الست نبيلة ابنة عم فؤاد الخباز، نقيم معاً في مسكن متواضع في البلوك الخامس في حي السلام، أختي وفاء تصغرني بعامين، وهي الأكثر جمالاً وذكاءً بيننا، أما أختي عبير، فهي تشبه أمي كثيراً، طيبة وحنون، ودوماً في مزاج حاد!

نحن فقراء، فقراء إلى الحد الذي يسمح به الخيال…
ليس من الصعب اكتشاف ذلك فور دخولك منزلنا، فالأثاث المتهالك يعلن عن نفسه في عنفوان!

سأدعوك إلى الجلوس، لكن تأكد انه ليس ثمة من يضمن لك السلامة!
لكن عدني ألا تطل تأمل النقوش السيريالية في زوايا الغرف، إن هي إلا بقايا ماسورة الصرف الصحي الخاصة بالجيران، يؤسفني أن أخبرك انك تعرضت لخداع بصري حين اعتقدتها غير ذلك!

حاول كذلك ألا تنظر أسفل المقعد، ثمة فأر وفأرة حديثي الزواج، دعنا نحترم خصوصية الآخرين إذن (أبي يقول عن من يعتبر الفئران مخلوقات بشعة، هو كائن غريب حقاً)!

نعم هذا صحيح، الصورة الضخمة التي تحتل الجدار المقابل لمقعدك، هي بالفعل صورة سعد باشا زغلول، من الجميل انك مهتم بالتاريخ، باستطاعتك أيضاً أن تلقي نظرة خاطفة على الصورة الصغيرة بجوارها، مؤكد أنكم تعرفون جدي المرحوم الأسطى رجب!

أبي يؤكد أن جدي شارك في مظاهرات سعد الشهيرة، كان ذلك قبل أن تصيبه رصاصة انجليزية أردته قتيلاً من فوره أثناء فراره من الميدان!
يقولون أيضا انه لم يمت قبل أن يتألم بما فيه الكفاية!

سعد … سعد… يحيا سعد!
رجب… رجب… مات رجب!
هكذا يهتف أبونا نبيه الصاحي مبتسماً بعد كل مرة يروي فيها القصة!
***

كما ترون نحن أسرة عادية جداً، بل يمكن اعتبار دخول كيلوين من اللحم إلى بيتنا حدثاً هاماً لا يعدله في الأهمية شئ آخر!
الآن انتم معنا في الجو العام، حيث نسكن، وكيف نعيش…
يمكنني إذن الاستطراد دون أن يقاطعني أحدكم…!

ففي قيظ احد أيام يوليو الحارة عادت أختي وفاء – الأصغر بيننا والأكثر جمالاً – من الجامعة!
من ثمّ ارتمت فور دخولها المنزل في أحضان أمي باكية…
– أنا مش ح اسكت يا ماما، الدستور بيكفل لي حق الاعتقاد!
– اهدي يا وفاء يا بنتي!
– لا يا أمي، لازم نقول “لا”، الدستور بيكفل لي حق الاعتراض!
– اهدي يا بنتي، أنا مش فاهمة حاجة!
– ولا أنا يا أمي، لكن الدستور بيكفل لنا حق الفهم!
– لا اله إلا الله!
– محمد رسول الله، الدستور أيضاً بيكفل لنا حق التدين!

ثم قامت وفاء من أحضان أمي، متوجهة إلى غرفتها لتواصل حق البكاء – كما يكفل لها الدستور – دون أن نفهم!
ثم إن أمي – وبآلية معتادة – قالت:
– روحي يا علياء يا بنتي شوفي أختك مالها؟!
– حاضر يا ماما!
***

هناك أهمية خفية في تكرار بعض المقاطع (لذا أرجوكم، لا تقاطعوني مرة أخرى)!
فالأخوات هنا يعرفن ان الأخت الوسطى تقع عليها جريرة المهام المنزلية العظمى!

فدوري لا يقتصر فقط على نشر الغسيل، بعد غسل الصحون، كما لا يتقصر على تحضير العشاء بعد تنظيف البيت… الخ! وإنما يمتد إلى التطبيب، والترتيب، ومتابعة أسعار الخضروات في السوق، ومواساة الغاضبين الذين يكفل لهم الدستور حق الغضب!

لذا ففور أن صدرت الأوامر أن أقم، قمت – عشان أشوف وفاء مالها – وأنا احمل على كتفي انهيار جليدي ما، ، موقنة في قرار ذاتي أن الدستور سيكفل لي حق التحدث مع وفاء…

بعد خمس من الثواني الصامتة، قلت مستعينة بالسلوان في قهري:
– مالك يا وفاء، مين اللي زعلك؟!
– الحكومة!
– قصدك رئيس الوزراء!
– لائه…!
– يا نهارك اسود يا وفاء!
– ايوه…!
– قصدك الريس الكبير!
– ايوه، البتاع الكبير!

كنت متأكدة أن الدستور لم يكفل للآخرين حق “وصف الريس” بالبتاع!
مع ذلك تغاضيت، ففي ذلك بعض السلوان، خصوصاً بعد الارتفاع المريب في أسعار الكوسة في سوق الخضار هذه الأيام!
***

كنت اعرف أن مصيبة في الطريق إلينا، فارتفاع سعر الباذنجان المفاجئ لا يأتي عبثاً، فضلاً عن أن ما أخبرتني به وفاء يعد خطيراً…
خطيراً بالفعل…!

يتبع…

ابن الارض

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بوابة الجحيم...! (استشراف)

من يوميات أب... مُحب جداً!