رافس... آخر سلالة (حا شي را) العظيم!
” الساخر كوم ”
أنا أخوكم رافس، آخر سلالة (حا شي را) العظيم، أما أبي فهو السيد حمور كبير حكماء حموراء الزريبة…
أمي هي الست حورا فاتنة حمير الكوكب، أما زوجتي فهي الدكتورة حميت، الباحثة الشهيرة والناشطة الدولية عن جمعيات حقوق الحمير على مستوى العالم!
كما ترون أنا حمار غير عادي من عائلة سيادية جداً… عائلة لها باع طويل في السياسة والاقتصاد وعلوم ما وراء النهيق.
أرجوكم، لا داعي لهذه الابتسامات الجانبية التي تقصدون بها التقليل من احترامي، فالله وحده يعلم إنني أكثر أهمية من أكثرهم!
تقول أمي: عجبت لك يا زمن، وأنا أقول: منذ متى والناس يحكمون على الآخرين من ذيولهم الخارجية…
يعلم الله – يا بني الإنسان – كم ذيلاً يختبئ داخل جلودكم، وان أكثركم حمار – لا داعي للإنكار – لو كنتم لا تعلمون!
***
[ 1 ]
صفحة من يوميات الدكتورة حميت…
اليوم احتفل أنا ورافس بعيد زواجنا العشرين، رغم أن الله لم يرزقنا بعد بأي حُمير يؤنس علينا وحدتنا، إلا ان رافس زوجي لم يجعلني اشعر بذلك يوماً!
زوجي رافس حمار مدهش على فكرة، طيب وقنوع، وكثيراً ما أخال أن لا هدف عنده في الحياة غير إضحاكي، رغم انه لا يكف عن إثارة إعجابي يوماً بعد يوم…
تقابلت وزوجي رافس لأول مرة في ظروف غير طبيعية في إحدى الجامعات، بعد أن رفضت الدولة التكفل بمصاريفنا أسوة بالمواطنين، فما كان من أهلينا إلا ان ابتعثونا لإكمال تعليمنا على نفقتهم الخاصة!
ما زلت اذكر المرة الأولى التي رأيت فيها حبيبي رافس وهو يسير مزهواً بذيله دون أن يبالي بكم السخرية الهائلة من حوله…
كان رافس – وما زال – معتداً بنفسه، شديد الثقة والكبرياء، لذا عرفت من فوري انه سيصبح حمار حياتي، وإنني لن ادعه يفلت من بين براثني بسهولة!
تعارفت ورافس بعد أن تحاببنا من الموقف الأول من ثم قررنا الزواج، قبل أن يعرج بي إلى ظل شجرة وافرة يقوم على رعايتها عم (حمرس) بائع البرسيم الذي أخذ يحدثنا عن أمجاد الحمير بتوع زمان، وكيف أن الحمار منهم كان عنده طموح… بعكس حمير هذه الأيام سريعوا اليأس، كثيرو الكلام، مثيري الملل والقلاقل!
اذكر إنني ضحكت بشدة من حديث عم حمرس، لكن رافس زوجي لم يضحك… بل انه استغرق في لحظة تأمل عميقة أصابتني بقلق شديد!
اخبرني رافس بعد ذلك انه حزين على مستقبل حمير هذه البلد، وانه اخذ عهداً على نفسه أن يغير من حياتهم وانه سيناضل من اجل حقوقهم وانه يريدني أن أقف إلى جواره!
وقد كان…
***
[ 2 ]
صفحة من يوميات رافس…
(لن تقوم للحمير قائمة قبل حصولهم على الاستقلال العلمي والمادي، ما يعني إن وحدة الحمير وحريتهم مقرونة بقيام الثورة العلمية)… (حا شي را) العظيم
ترى، هل كان مولوفيتش الزعيم الصربي المتعصب يعرف ذلك قبل أن يقبضوا عليه ويحاكموه؟
بل ما الذي كان يدور في رأسه عندما جلس صامتاً داخل قاعة المحكمة، قبل أن يخبره القاضي أن تلاوة التهم الموجهة إليه ستتطلب وقتاً طويلاً في قراءتها… فما كان من مولوفيتش إلا ان أجابه – كأي سفاح محترم – قائلاً له في ثقة: هذه مشكلتك!
ترى، فيما كان يفكر؟
لا يهم…
المهم إنني فكرت طويلاً في ذلك، وتوصلت الى ان القوة ليست السلاح الناجع الوحيد في مثل هذه الأمور، وانه لا طريق آخر نملكه لتحقيق سيادتنا الكاملة سوى بتحقيق استقلالنا العلمي والمادي غير المدعوم من جهات خارجية!
لقد وضعت مقولة جدي الكبير (حا شي را) العظيم نصب عيني، من ثمّ عملت جاهداً كي احصل على أعلى المؤهلات العلمية من اكبر الجامعات في سبيل خدمة بني الحمير في كل بقاع الأرض…
كان ذلك قبل أتمكن – بعدة معجزات – من إجادة أربع لغات عالمية حية، هي: (حمرجليز، حمرفرنسيز، حمرطاليوز، حمرمانيوز)، فضلاً عن لغتي الأم (حمرعربيوز)!
اعتقد أنكم لست معنيين بسيرتي التعليمية… لا بأس، فقط أردت أن يعرف أكثركم إنني حمار غير عادي بالمقارنة بكم!
سأخبركم إنني ثابرت كثيراً وكافحت، في الوقت الذي كان فيه أكثركم يتسلى بمتابعة (شاعر المليون) أو كتابة خاطرة بعنوان (الحل في اليانسون) أو شيئاً ما من هذا القبيل!
لقد عملت جاهداً كي احصل على اعتراف المجتمع الدولي بأهلية الحمير وحقوقهم الطبيعية، مستعرضاً – عن قناعة – مطالبنا الشرعية، مطالباً بضرورة نيلنا الاستقلال السيادي الكامل في تحديد مصائرنا – نحن حمير الكوكب – داخل أوطاننا بحسب خارطة سايكس بيكو الافتراضية، لا خارطة الشرق الأوسط الجديد.
لقد أقنعتهم بالحجة والمنطق الذي يفتقده أكثركم بأحقيتنا – نحن الحمير – بالمساواة معكم، بعد أن سقت لهم العديد من الأدلة والقرائن التي أكدت لهم، أننا – نحن الحمير – وانتم – بني البشر – لا نختلف كثيراً في الواقع عن بعضنا، وان ما بيننا – نحن وانتم – من القواسم المشتركة ما لا يعد ولا يحصى!
إلى أن قاموا – في هيئة الأمم المتحدة – بانتخابي سفيراً لنوايا الحمير الحسنة!
لا بأس، هذه خطوة أولى في الطريق…
يكفي إنني سأحاول، سأستمر ولن أخشى الفشل!
فماذا عنكم؟
.
.
(انتهى)
ابن الأرض
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق