بوابة الجحيم...! (استشراف)

” الساخر كوم ”

14-7-2009مـ
عرفت إنني سأموت اليوم كما اخبرني الطبيب منذ سنتين بعد أن أكد لي إنني سأكون محظوظاً لو تأخر موعد وفاتي يوم أو اثنين بعد هذا التاريخ.
في الليلة السابقة نمت بعد لؤي وأنا احسب إنني لن أرى شمس هذا الصباح من نافذة الغرفة التي شهدت مولدي قبل 31 سنة، تلك الغرفة التي تطل على الشارع الذي ماتت في جوانبه الحياة منذ عدة سنوات!
وحدي أنا والشارع الجانبي لم يعد لنا أهمية، فكلانا ينظر إلى الآخر وينتظر المصير!

ما زلت التمس العذر لهم بعد أن تركوني وحيداً منذ أكثر من أسبوعين، إذ ليس من المفهوم أن يرقد أحدهم إلى جواري وهو يعلم جازماً أنه سيصحو في اليوم التالي ليجدني ميتاً!
حتى أبني الصغير الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره كثيراً ما اسمعه يهتف إلى أمه بفرح بعد أن يدلف إلى غرفتي كل صباح:
– أبويا لسه عايش!
لقد تهيأ الجميع واعتادوا إنني سأموت في أي لحظة…
لهذا اشعر بالندم لأنني ما زلت حياً بعكس توقعاتهم!
وحدي كنتُ اعلم التاريخ المتوقع لوفاتي، وحدي كنت اقبع في هذه الغرفة في انتظاره، وحدي اعرف إنني سأنتقل اليوم إلى دهاليز السماء…
***
15-7-2009مـ
جاءت أمي اليوم بعد العصر لزيارتنا كما اعتادت أن تفعل كل يوم على الرغم من طول المسافة، كثيراً ما أشفق عليها لدرجة إنني وددت لو اخبرها بتاريخ وفاتي لعلها تستريح ولا تأتي كل يوم، لكنني أحببت أكثر تعلقها بالأمل في بقائي حياً، كيف لا افعل؟ وأنا أرى محياها يعج بالحياة بعد كل زيارة أخبرها فيها كاذباً إنني بخير وان حالتي في تحسن مستمر وإنني سأعيش لأدفنها بنفسي…
تضحك فتشرق الشمس في كفي، فأرفع يدي إلى السماء واطلب من الله أن يمهلني يوم آخر أحج فيه إلى قلبها!
رحيم أنت يا قلب أمي، أخشى ما أخشاه أن ينطفئ وهجك فيفقد العالم أهميته!
***
حانت اللحظة…
اشعر بها الآن تتسرب إليّ من أسفل، هكذا إذاً ستخرج الروح من جسدي…
لا إله إلا الله…
…………..
انخسف صدغي، ومال أنفي، وانفصل كفي، واسترخت أطرافي، فزال الألم وكأنه لم يكن…
تيقن الأهل من موتي!
وإن شقّ على بعضهم أن يروني وقد ذهبت بجوارحي تجاه أمي – هي أول وآخر ما أبصرته في هذه الحياة – فمال أكبرهم سناً ليخفي وجهي بقطعة قماش كنتُ قد وضعتها إلى جوار الفراش تحسباً لمثل هذا الأمر!
ثم لبثوا ساعة أو بضع ساعة ثم حملوني وقد ستروا جسدي عن الأعين وذهبوا بي إلى الحانوتي من ثمّ تركوني عنده ورحلوا، فكان أن سمعته يهتف إلى إحدى صبيانه بنكتة بذيئة ويتجشأ، قبل أن يجردني من كل ملابسي ويمددني على قطعة خشب قديمة ليبدأ في غسلي بقسوة وقد انحنى بي في كل الاتجاهات وكأني قطعة بالية بين يديه، حتى إذا ما انتهى صب على جسدي عطراً رخيصاً له رائحة نفاذة من ثمّ أحاطني بقطعة قماش خشنة تميل إلى الصُفرة!
***
16-7-2009مـ
جاء أهلي في موكب اختلط فيه من اعرفهم بمن لا اعرفهم وجلهم يهتف ويكبر ويسم الله، ثم أرقدوني في صندوق خشبي رقيق لم يتسع لقامتي الضئيلة، فكان أن احنوا قدماي من أسفل كي يتسع لي، من ثم حملوني في موكب تجلت فيه همهمات الذاكرين منهم والموحدين: سنصلي عليه ثم نذهب به إلى المدفن!
وكأنني ما عشتُ قبل الآن…
***
(‏حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربي ارجعون‏)
‏………………
………………
………………
لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏.‏
محمدًا عبده ورسوله!
ديني الإسلام…
.
.
ليتني اعرف من أي الأبواب سأدخل؟!

(انتهى)

ابن الارض

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يوميات أب... مُحب جداً!

رافس... آخر سلالة (حا شي را) العظيم!